التعلم العاطفي الاجتماعي ما بين النظرية والتطبيق في المدارس الفلسطينية
يشكّل التعلم العاطفي الاجتماعي (SEL) إطارًا تعليميًا أساسيًا يهدف إلى تطوير المهارات الحياتية اللازمة للتعامل مع العواطف، وبناء علاقات إيجابية، واتخاذ قرارات مسؤولة. في المدارس الفلسطينية، أصبح هذا المفهوم ذا أهمية خاصة لمساعدة الطلاب على التكيف مع التحديات السياسية والاجتماعية التي يواجهونها، وتعزيز صمودهم النفسي.
يعتمد التعلم العاطفي الاجتماعي على خمسة مجالات رئيسية، يساهم كل منها في النمو الشامل للطالب:
الوعي الذاتي: القدرة على فهم العواطف، وتحديد نقاط القوة والضعف، وتقدير الذات بشكل صحيح.
الإدارة الذاتية: التحكم في العواطف والسلوكيات، وإدارة التوتر، والمثابرة على تحقيق الأهداف.
الوعي الاجتماعي: فهم مشاعر الآخرين، وإظهار التعاطف، وتقدير التنوع، وتحليل المواقف الاجتماعية.
مهارات العلاقات: بناء علاقات صحية والحفاظ عليها، والتعاون مع الآخرين، وحل النزاعات بشكل بنّاء.
اتخاذ القرارات المسؤولة: القدرة على اتخاذ خيارات مدروسة تأخذ في الاعتبار العواقب الأخلاقية وسلامة الفرد والمجتمع.
على الرغم من عدم وجود برنامج رسمي وشامل للتعلم العاطفي الاجتماعي في جميع المدارس الفلسطينية، إلا أن هناك جهودًا متزايدة لدمج هذه المهارات في المناهج والممارسات التعليمية.
المناهج الدراسية: يتم تضمين بعض مهارات التعلم العاطفي الاجتماعي بشكل غير مباشر في مواد مثل التربية المدنية، واللغة العربية، والتربية الإسلامية، التي تركز على قيم التعاطف، والمسؤولية، والتعاون.
الأنشطة اللاصفية: يتم استخدام الأنشطة اللاصفية مثل المسرح، والنوادي المدرسية، والمجموعات الطلابية كمنصات لتطوير المهارات الاجتماعية والعاطفية.
التدريب المهني للمعلمين: هناك مبادرات من قبل وزارة التربية والتعليم ومنظمات غير حكومية مثل "مركز إبداع المعلم" لتدريب المعلمين والمديرين على كيفية تطبيق استراتيجيات التعلم العاطفي الاجتماعي داخل الغرف الصفية.
تطبيق التعلم العاطفي الاجتماعي في فلسطين يواجه تحديات فريدة، ولكنه يفتح أيضًا فرصًا كبيرة.
الأوضاع السياسية والاقتصادية: الظروف الصعبة تزيد من التوتر والقلق لدى الطلاب والمعلمين، مما يجعل التركيز على الجانب العاطفي أكثر صعوبة ولكنه أكثر أهمية في الوقت نفسه.
اكتظاظ الفصول الدراسية: كثرة عدد الطلاب في الفصل الواحد قد يحد من قدرة المعلمين على توفير الدعم الفردي المطلوب لتنمية هذه المهارات.
غياب المناهج المتكاملة: عدم وجود منهج موحد يدمج التعلم العاطفي الاجتماعي بشكل صريح ومخطط له قد يقلل من فعالية تطبيقه.
تعزيز الصمود النفسي: يساهم التعلم العاطفي الاجتماعي في مساعدة الطلاب على التعامل مع الصدمات، وتطوير المرونة النفسية، وبناء قدراتهم على مواجهة الأزمات.
تحسين الأداء الأكاديمي: أظهرت الدراسات أن تطوير المهارات الاجتماعية والعاطفية يمكن أن يؤدي إلى تحسن في التحصيل الأكاديمي للطلاب.
بناء مجتمع أكثر تماسكًا: من خلال تعليم قيم التعاطف والتعاون، يساهم هذا النهج في إعداد جيل قادر على بناء علاقات مجتمعية إيجابية والمساهمة في رفاهية مجتمعه.
التعليقات