د. محمود عبد المجيد رشيد عساف |
تعد أخلاقيات مهنة التعليم مفهوما يشير إلى مجموعة من القواعد والأعراف والقيم التي تتصل بمهنة التعليم، وتحدد للعاملين في مجال التعليم ما لهم من حقوق وما عليهم من مسؤوليات في إطار من الوعي بطبيعة المهنة، والتمسك بثقافة المجتمع الذي يعيشون فيه، ولما تضمنت مهنة التعليم تأكيدات لضمان المصلحة العامة في أفضل صورة ممكنة، بالإضافة إلى كون دستور المهنة دليلاً للعمل والسلوك، فقد جاء كثير من الأدلة في التراث الإسلامي من الكتاب والسنة ما يظهر فضل المعلمين وضميرهم المهني ومسؤوليتهم الموضوعية، فجاء في سورة القيامة، قوله تعالى: (بَلِ الإنسان عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ) (القيامة:14 -15)، وعن أم المؤمنين عَائِشَةَ بنت الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وعن أبيها أنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ)، وقال تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(التوبة،105)
ومن خلال الإطلاع على ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم وقواعد السلوك في فلسطين والصادر عن هيئة تطوير مهنة التعليم التابعة لوزارة التربية والتعليم عام 2010 وجد أنه يتكون من جزأين، الأول: المبادئ والمجالات، والثاني: الحقوق والمسؤوليات.
حيث انبثقت مهنة التعليم من مجموعة أسس، أهمها:-
الانتماء والالتزام برسالة التعليم: وهو المبدأ المتعلق بالإخلاص في العمل والنية، والصدق مع النفس والمجتمع للحفاظ على منظومة القيم والأخلاق في المجتمع.
حيث إن الإخلاص ما كان لله خالصاً لا رياء فيه ولا نفاق، ولا ابتغاء دنيا ولا إرادة مال أو سلطان، فقال تعالى: (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (الكهف: 110)، وقال جل ذكره: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)(البينة:5)، وهناك يكون على المعلم ألا يقصد بعمله التربوي إلا مرضاة الله والوصول إلى الحق.
أما الصدق مع النفس والمجتمع ومطابقة العلم والعمل، فهو أساس صدق أما النية في العمل، لأن العمل يدرك بالبصائر، والعمل يدرك بالأبصار، فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا...ما لا تفعلون)
الثقة والاحترام المتبادل: وهو المبدأ المتعلق بوحدة الهدف التربوي، والعمل الجماعي من أجل مصلحة الطلبة ونقل المعارف لهم.
ولعل هذا المبدأ كان واضحاً من خلال الذكر الحكيم والسنة النبوية، فقال تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)(التوبة: 122)، وعن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (نضَّرَ الله عبدًا سَمِع مقالتي فوعاها، فبَلَّغها مَن لَم يَسْمعها، فرُبَّ حامل فِقْه إلى مَن هو أفقه منه، ورُبَّ حامل فِقْه لا فِقْهَ له) وهذه الأدلة النقلية دليل على العناية بالعمل الجماعي، ووحدة الهدف التربوي الساعي إلى تعليم الناس الخير.
احترام التعددية والتنوع: وهو المبدأ المتعلق باحترام الإنسان، والموضوعية في ممارسة العمل التربوي بما لا يتعارض مع حقوق الطلبة في الرأي والتعبير والانتماء والدين.
وفي هذا الجانب لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة، فلم يميز بين صحابته، ولم يتعصب لموقف وكان حليماً في كل تصرفاته، فقال تعالى مخاطباً رسوله الكريم: (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ..)(آل عمران،159) وقد روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحدث حديثاً إلا يبتسم)(عساف والأغا، 2015: 92).
وقد ظهر هذا المبدأ جلياً عند علماء المسلمين، حيث يرى عبد الرحمن بن خلدون أن العلم وحده لا يكفي أن يكون سلاح المعلم، بل لا بد من مراعاة حقوقهم، والتعرف إلى احتياجاتهم، فقال: (إذ أنه من أهم ما يلزم المعلم فتق اللسان بالمحاورة والمناظرة، والعمل على تحصيل الملكة التي هي صناعة التعليم)(خياط،1996: 175)
المواطنة والسلوك المنضبط: وهو المبدأ المتعلق بالتزام المعلم بالأخلاق الحميدة المنبثقة من العقيدة، وأن يكون قدوة وأنموذج يحتذى به .
لقد وصف الله تبارك وتعالى العالم المعلم في الإسلام بأنه رباني في نفسه، مربي لغيره، متصف بالأخلاق الحميدة والفضائل العظيمة، وداعياً إلى الله فقال تعالى: (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ) (آل عمران:79)، ونفهم من هذه الصفة أن المهمة الأولى للمعلم في الإسلام هي التهذيب والتزكية والتربية، حيث يقول الطبري: (كان العالم بالفقه والحكمة من المصلحين يربي أمور الناس بتعليمه إياهم الخير، ودعوتهم إلى ما فيه مصلحتهم، فالرباني هو الجامع إلى العلم والفقه البصير بالسياسة والتدبير والقيام بأمور الناس وما يصلحهم في دينهم ودنياهم).(بدران وسليمان،2009: 77)
حيث تناول من هنا بعض قواعد السلوك التي ينبغي أن تحكم مهنة التعليم ضمن علاقة المعلم بالعناصر البشرية للعملية التربوية.
وقد شمل هذا الجانب العديد من السمات التي يجب أن يتصف بها المعلم عند تعامله مع طلابه، فالطالب ابن جماعة إذا وجد من المعلم رفقاً ونصحاً أحبه وبالتالي حرص على الاستفادة منه، فيقول: (إن التلاميذ لا يؤثر فيهم إلا المعلم الذي يرفق بهم، ويشفق عليهم، ويفرح بتعليمهم، ويكلف نفسه كل مشقة في سبيل رعاية مصالحهم، وتهذيب أخلاقهم وإرشادهم إلى ما ينفعهم باللين والرحمة، وذلك كله من دلائل حب المعلم للتعليم، وعنوان نجاحه فيه وقدرته عليه، ومن فقد القدرة على معاملة التلاميذ، فقد القدرة على التأثير فيهم) (عبد العال، 1995: 127)
ولقد كان لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث الرفق والشفقة واللين في معاملة الطلبة والصبر عليهم، وأن ينزلهم منزلة أبنائه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنَّما أنا لَكُمْ مِثْلُ الوالِدِ، فإذا ذَهَبَ أحدُكُم إلى الغائِطِ فلا يستقبلَ القِبْلَةَ، ولا يَسْتَدْبرْها لغائطٍ ولا لِبَوْلٍ، ولْيستنْج بِثلاثةِ أحجارٍ، ونهى عَنِ الرَّوْثِ والرِّمَّةِ، وأنْ يستنجِيَ الرَّجُلَ بيمينِهِ)(سنن ابن ماجه 279/1)، وقد بين ابن خلدون خطورة الشدة على المتعلمين بقوله:(إن الشدة على المتعلمين مضرة بهم).
كما حث ابن جماعة المعلم أن يجعل العدل سمة ظاهرة في كل تصرفاته، وحتى في التفاته إلى طلابه، فالعدل هو أساس علاقات المحبة والمودة بين الناس، كما أن فقدان صفة العدل في المعلم يعوق عملية التعليم نتيجة لما يسببه في قلوب الناس من نفور ووحشة وكراهية. (شمس الدين، 1994: 67)
ومن الأمور التي يجب أن تحكم علاقة المعلم بطلابه، الحلم والتواضع والتغافل وتجنب العبوس والتقطيب، والعفو والصفح، ومقابلة الإساءة بالإحسان، فالحلم مرادف لكظم الغيظ، والعفو عن المسيء والإحسان إلى المخطئ، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، حيث يقول: (مَن كَظَمَ غيظًا وهو قادرٌ على أن يَنْفِذَه دعاه اللهُ عزَّ وجلَّ على رؤوسِ الخلائقِ يومَ القيامةِ حتى يُخَيِّرُه اللهُ مِن الحُورِ ما شاءَ.)(الترمذي،3/251)، وقال عمر رضي الله عنه: ( تعلموا العمل، وتعلموا العلم السكينة والحلم)، وقال الحسن: (اطلبوا العلم وزينوه بالوقار والحلم)، ومن حيث التواضع ولين الجانب والعفو والصفح فقد دعا بدر الدين ابن جماعة، وأبو حامد الغزالي إلى ضرورة اللطف مع المتعلمين امتثالاً لقوله تعالى: (وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ)(الشعراء،215) وقوله الرسول صلى الله عليه وسلم: (مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ )(رواه مسلم،4/2001).(البشري، 2011: 71)
وقد شمل هذا الجانب المشاركة في تربية الطلاب وتعليمهم، وتوعية أولياء الأمور بسلوك أبناءهم وآليات التعامل معهم، والالتزام بمبادئ النزاهة والشفافية وعدم قبول ما يؤثر على مكانته الاجتماعية.
وفي هذا الجاني كتب عبدالله بن سحنون (202-256ه) عن الرسائل التربوية الواجبة في تعاون المعلم مع ولي الأمر أو تعاون مؤدب الصبيان مع من حوله وضرورة التزامه ببشاشة الوجه، والتفرغ لهم وتشجيع ذويهم على ما يصلحهم، وألا يستخدم في طلب الحوائج والأغراض الخاصة، لكنه لم يمانع من أخذ الأجرة على التدريس.(خياط، 1996: 178)
قد يشمل هذا الجانب كل ما يؤدي إلى إيجاد بيئة صحية للتفاعل المهني، والتحلي بالاحترام المتبادل بين الزملاء، وتبادل الخبرات بين المعلمين(القدامى– الجدد)، والحرص على السلوك التنظيمي السليم داخل المدرسة.
وقد أشار لذلك أبو حامد الغزالي (370-428ه)، الذي عمل لمدة 4سنوات معلماً بالمدرسة النظامية في بغداد، حيث ينعكس السلوك التنظيمي على نمو الطلاب الاجتماعي والجسمي والعقلي والروحي، فدعم المعلم لزملاءه من أهم واجباته التي يجب أن يزجر على التقصير فيه، كما أنه من الواجب عليه تعظيم اختصاصيات المعلمين الآخرين، وألا يقلل من قيمتها على حساب تمجيد تخصصه.(الغزالي،ج1\/80)
حيث تمثل الجزء المتعلق بالحقوق المادية والمعنوية التي نص عليها قانون الخدمة المدنية رقم (4) لسنة 2005م، وتوصيات منظمة العمل الدولية، والجزء المرتبط بالمسؤوليات فقد تناول المسؤوليات المهنية وواجباته نحو الطلبة والمدرسة والمجتمع المحلي، وقد تدخلت هذه المسؤوليات مع العديد من محددات السلوك التي تناولها الجزء الأول.
فرغم أن الميثاق قد نص على أن يتقاضى المعلم راتبه الشهري والعلاوات الدورية حسب القانون، والتعويض عن إصابة العمل، والإعفاءات الضريبية في بعض الحالات، وكذلك على حقه في تعليم أبنائه في الجامعات برسوم مخفضة حسب معايير القبول، والحصول على الترقية والحوافز والعلاوات التشجيعية، إلا أن الواقع الفعلي وفي ظل تبعات الانقسام السياسي لا يشير إلى ذلك إضافة إلى أن مطالبة الاتحاد العام للمعلمين بحقوق المعلمين بات درباً من الصراع مع الحكومة، خاصة فيما يتعلق بالترقيات، حيث إن ملاك المعلم مربوطاً عند الدرجة الأولى ولا يحق له أكثر من ذلك حسب الرتب الوظيفية العليا، كما أن الحوافز والعلاوات التشجيعية لا تتم إلا بخطوات خجولة من خلال إعلانات المسابقات في مجالات محددة، ومن حيث الراتب فإنه ومقارنة بنفس المؤهلات من الوظائف الأخرى (في الوزارات المختلفة)، فإن العلاوة المرتبطة بالراتب الأساسي أقل ما يكون.
تعد مهنة المعلم من المهن السامية التي مدحها الأنبياء والرسل والمفكرين والشعراء، بل اعتبروا أن المعلم هو مهندس البشرية وليس أدل على ذلك من نجاح التجربة اليابانية في رفع شأن المعلم ،والتجربة الألمانية التي نسبت له النصر في حربها مع فرنسا.
فمن حق المعلم أن يطور مستواه من خلال تدريبه ومساعدته على الاستمرار في الاستفادة من مستجدات العلم الحديث، ومن حقه أن تتابع احتياجاته متابعة دقيقة وتقويمه تقويماً مستمراً، وأن تتوفر له بيئة العمل المناسبة(البيئة الفيزيقية)، ومن حقه أن يشعر بالأمن والرضا الوظيفي، ومن حقه الامتنان له لما يبذله من جهود، فقد روى الترمذي من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ليس منَّا مَنْ لم يُجِلَّ كبيرَنا ، ويرحمْ صغيرَنا ! ويَعْرِفْ لعالِمِنا حقَّهُ)، وكان السلف الصالح يثنون على معلميهم ويقدرونهم فهذا شعبة بن الحجاج يقول: (ما سمعت من أحد حديثاً إلا كنت له عبداً ما حييت)، وهذا عبدالله بن عباس رضي الله عنه، يأخذ بركاب دابة زيد بن ثابت رضي الله عنه الأنصاري، يقول : (هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا). (عساف والأغا، 2015: 59-62)
وقد زخر الفكر التربوي الإسلامي، بكثير من الشواهد الدالة على مواقف الأدب والحياء هيبة من المعلم، فقد كان الربيع بن سليمان تلميذ الشافعي يقول: (والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلى هيبة له)، كما قال الشافعي: (كنت أتصفح الورق بين يدي الإمام مالك تصفحاً رقيقاً هيبة له لئلا يسمع رفعها)، وذكر برهان الدين الزرنوجي في كتابه: (تعليم المتعلم طريق التعلم)أنه ينبغي لطالب العلم ألا يجلس قريباً من الأستاذ بغير ضرورة، بل ينبغي أن يكون بينه وبين الأستاذ قدر قوس). (سليمان 1998: 39)
ومن الوصايا الجامعة في حق المعلم ما ورد عن علي ين أبي طالب أنه قال: (من حق العالم عليك ألا تكثر عليه السؤال، ولا تفشي له سراً، ولا تغتاب عند أحد، وإن ذل قبلت معذرته، وأن تعظمه ما دام يحفظ أمر الله، ولا تجلس أمامه، وإن كانت له حاجة سبقت القوم إلى خدمته).
(عساف، 2015: 63)
يلتقي هذا الجزء بدرجة كبيرة مع مبادئ السلوك الواجب اتباعها من قبل المعلم من حيث الأمانة في العلم ونقله، والالتزام بواجبه الوظيفي، والمساهم في حل المشكلات الدراسية، واحترام الطلبة وتوجهاتهم الدينية والفكرية والسياسية.
وفي هذا الجانب فقد أجمع كل من الزرنوجي وابن جماعة والإمام أبو حامد الغزالي على أنه على المعلم أن يكون أميناً في نقل علمه، ولا يفتي بغير علم، وأن يراقب الله في السر والعلن، وأن يكون غزير المادة العلمية، وأن بجانب تخصصه يحتاج إلى قدر من الثقافة العامة التي تعزز من دوره الاجتماعي، وأن ينزل إلى مستوى الطلاب في الفهم، وذلك اقتداء بقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن ننزل الناس منازلهم ونكلمهم على قدر عقولهم). (كلاب، 2013: 65)
وها هو عبد الرحمن محمد بن خلدون(732-808ه) يرى أن رسالة المعلم باعتباره الموجه والمرشد نحو المثل العليا، فهو يقوم بدور القائد الذي يعرف القيم والمثل ويعمل على التكامل بين رسالة الأسرة والمدرسة من خلال الاتصال في مجالس العلم، ومعاملة الناس بمكارم الأخلاق وإفشاء السلام بين الزملاء والمسؤولين، واحترام الغريب على مجلس العلم من باب الكرم والتودد ومراعاة مصلحة الجماعة. (خياط، 1996: 185)
بعد الإطلاع على عدد من مواثيق أخلاقيات مهنة المعلم، وهي :
- توعية المعلم بأهميته المهنية ودوره في بناء المستقبل.
- الإسهام في تعزيز مكانة المعلم العلمية والاجتماعية.
- حفز المعلم على أن يمتثل قم مهنته وأخلاقها سلوكاً في حياته .
ومن الجدير ذكره أن جميع المواثيق بما فيها الميثاق الفلسطيني قد اعتبرت من هذه المواد مقياساً لكفاءة المعلم، وأساساً لتقويم الأداء السنوي وذلك استناداً إلى عدة أبعاد، هي : (البعد التعليمي- بعد العلاقات الإنسانية- بعد الصفات الشخصية).
قائمة المراجع:
التعليقات